International Plastic Artist LOUAY KAYALI
   

Home >> Press Releases >> الفن هو شرف اللوحة

Article Title : الفن هو شرف اللوحة
Article Author : يوسف عقيل
Source : رؤى ثقافية
Publish Date : 2003-09-13


رؤى ثقافية العدد ( 4 ) – 13 أيلول - 2003
الفن هو شرف اللوحة يوسف عقيل فنان تشكيلي
عرفت لؤي من خلال مقهى القصر، الذي كان يمثل مقهى المثقفين، .. وبرعب شديد تقدمت منه معرفا بنفسي، ومبديا إعجابي بلوحته، أو لوحاته، التي كان يداوم على تعليقها في المقهى. وعندما جلست إلى طاولته كان الصمت شريكنا، لكنني كنت أتابع أعماله باهتمام أكثر من اهتمامي بالحديث معه ... وأذكر أنني رأيته لآخر مرة في روما، وكان في وضع نفسي صعب .. هذا قبل موته بفترة، وعرفت لاحقا أنه توفي من خلال الصحافة .
ترك لؤي بصمة كبيرة في التشكيل السوري والعربي، من خلال لمسة أكاديمية يعترف له بها جميع النقاد والفنانين.. ولؤي ليس محض فنان أكاديمي، لكنه مؤسس أكاديميا بشكل صحيح، ولم يظهر إلى الآن فنان سوري يقاربه في هذه الميزة .
الخط عند لؤي في منتهى التوازن والرقي والانسجام، ومن المعروف أن الخط هو نصف اللوحة عند لؤي كيالي .
لكن بعض لوحات لؤي كيالي الأخيرة وعددها ست، حملت أسلوبا تخلى فيه لؤي عن كل أسلحته ( الخط، واللون المتقشف) وكانت لوحاته مدهشة أسست لمدرسته، وهي لوحات غير معروفة كثيراً .المميز في هذه اللوحات هي الطبيعة بألوان من مشتقات الأزرق، والأبيض الطاغي على اللوحة، وبتغييب نفسي أقرب إلى الميتافيزيق .
أسست لوحة لؤي لمناخ جاد، وأسست لهيبة الفن واحترام الفنان ولوحته ، وذلك من خلال دقة التنفيذ، المستمدة من النظام الدقيق في حياته .
وأرى أن من الظلم اتهامه بتقليد فان كوخ، فللؤي أسلوبه الخاص، وإن كان يحب كوخ . وهناك من اتهمه بأنه رسم فنان، وهذا وسام على صدره، فهو فنان رسام، والفن هو شرف اللوحة، بينما الرسم، مجرد الرسم، ليس فيه أي شرف.
النقد لم يعطي لؤي كيالي حقه، بل آذاه وشوهه، ولا يوجد ناقد محترم قدم له شيئا في حياته، أو بعد وفاته. وأحد أسباب نهايته هو النقد، فهو حساس جدا، والكلام كان يؤثر فيه كثيرا.
وهناك من المنافقين الذين هاجموا لؤي في حياته الكثير، وهم أنفسهم الذين امتدحوا لؤي بعد وفاته، وحولوه إلى مادة لاستهلاك أقلامهم البعيدة عن النقد النزيه .
كان معرض لؤي في سبيل القضية نقطة مفصلية في حياة لؤي كيالي ، تنبأ فيه بالنكسة، ولم يأخذ حقه من النقد، و معظم المعرض أتلفه الفنان بعد حدوث النكسة 1967، و بأعجوبة أنقذ بعضهم قليلا من اللوحات، وإن طالها بعض التشويه .
لؤي كيالي فنان جاد و ملتزم ، و على المستوى الإنساني كان أخلاقيا و حساسا، وقد انقطع بعد حزيران عن الرسم، و دخل مصحاً نفسيا .
من ميزات لؤي في الرسم تقشف اللون ، وفي الجانب الجمالي كان يهتم بالتطريز ، أو ما يشبه الأرابيسك في التجاور والتفاصيل، وكان يمتلك هارموني لوني ، فالألوان تحد بعضها في معظم مراحل حياته الفنية ، سوى في المرحلة الأخيرة حيث تداخلت الألوان بعلاقات هارموني جميلة ومتباعدة نفسياً، إلى حد التصوف .
وأتمنى لو عاش أكثر لإتمام هذه المرحلة، لأنها مرحلة مهمة جدا في تاريخ الفن السوري، ولو كان لؤي لا يزال حياً لغير في مسيرة الفن التشكيلي، ولكان حد من ظاهرة الميوعة الموجودة الآن .
على الأقل كان خجل الذين يعرضون التجريد من أنفسهم، وكانوا قارنوا التجريد الذي يقدمه لؤي بما يفعلون. ولا يفهم من كلامي أنني ضد الحداثة ، لكنني ضد التمييع و التخاذل .
كان لؤي يتعامل مع الفنانين الشباب تعامل المعلم النزيه الذي يمارس الرقابة على الفنانين الموهوبين، وكان يعتبر إقامة معرض مسؤولية كبيرة. وهنا أذكر أن الفنان الملون ليس بعدد الألوان التي يضعها في لوحته، ولكن بالتشكيل اللوني، فالبطولة هي في اختزال الألوان، ولكن بشكل صحيح، وقد فتح لؤي عيون الفنانين على تقنيات غير معروفة، كالخشب المضغوط، والنعومة القصوى للوحة فاللوحة عند لؤي ذات ملمس ناعم يتطلب تقنيا ماهرا مثل لؤي كي ينفذها .
وقد كانت لوحته في مقهى القصر مقصدا، إذ كانت كل لوحة مدعاة للتأمل مع فنجان القهوة، فهي طقس مميز لرواد القهوة.
عندما زرته في المرسم فاجأني ترتيب ريش الرسم والمحارم إلى جانبها. كانت طاولته نظيفة كسرير الطبيب، وكان ذلك ينعكس في لوحته، ولوحته النظيفة كانت انعكاسا لداخله النظيف .هذا إضافة إلى دقته في المواعيد، و في شؤون حياته الأخرى .
لا أحد يقف في صف لؤي كفنان، فهو حالة فنية إنسانية متفردة، ولا أعتقد أن لطريقة موته المأساوية علاقة بما أقول، فأنا يعنيني الجانب الفني أولا، ومن ثم الجانب الإنساني .ولأن لوحته مدوزنة على مقام صحيح، ومتوازنة بدقة هائلة، وخصوصا بعد أن أضاف إليها الهارموني اللوني في مرحلته الأخيرة ، فقد استحق لؤي كيالي هذا الاسم الكبير.
من اللوحات غير المعروفة للؤي بروفيل المسيح، التي رسمها في روما، و تخلى فيها عن الخط وتقشف اللون .. ورسم فيها المسيح بطريقة درامية مليئة بالألوان المتداخلة .وقد شاهد اللوحة أثناء رسمها ، و بعد إتمامها ، و اللوحة موجودة الآن في حلب (..).
لؤي كيالي ظاهرة لا تتكرر، وأي فنان يقترب من لؤي يحترق، بمعنى أن تقليد أحدهم للوحة لؤي يجعل من اللوحة تنتمي إلى لؤي أكثر من انتمائها إلى ذلك الفنان .على عكس تقليد الفنانين الذين لا يمتلكون أسلوبا يميزهم .
ومن خصائص أسلوب لؤي التقاطه الجانب الخفي عند الشخص الذي يرسمه، وهو الجانب النفسي، وببساطة وعمق، بعيدا عن البهرجة، ومثالها لوحات الشباك، والصيادين ، ولوحات الزهور .
و لذلك تفرد لؤي كيالي في تنفيذ لوحات تنتمي إلى الحياة، لكنها بعيدة عن التصوير، فلوحته إضافة إلى التقنيات الأكاديمية، تميزت بالحس الإنساني الذي أجاد لؤي التقاطه .