International Plastic Artist LOUAY KAYALI
   

Home >> Press Releases >> التشكيلي لؤي كيالي .. بين مرآة الواقعية الإنسانية و التعبيرية الناقلة لهموم المواطن

Article Title : التشكيلي لؤي كيالي .. بين مرآة الواقعية الإنسانية و التعبيرية الناقلة لهموم المواطن
Article Author : رامان آل رشي
Source : الوطن
Publish Date : 0000-09-18


التشكيلي لؤي كيالي :
بين مرآة الواقعية الإنسانية و التعبيرية الناقلة لهموم المواطن ...
رامان آل رشي
الوطن الثلاثاء 18 أيلول الموافق 6 رمضان 1428هـ العدد 224
السنة الأولى
لكل فنان حالة خاصة يعيشها و يستلهم منها أفكاره وموضوعاته، وأسلوب لمحاكاتها لعله يبدع منها هواجسه الفنية .. وغالبا ما تكون هذه الحالة مختلفة عن حالة المجتمع الذي يعيش فيه و عن تداعياته و أفكاره ، لذا غالبا ما كان الفنان مرفوضا من قبل مجتمعه أو مجنونا في بعض الأحيان ، لكن الكاتب ممدوح عدوان يرى الفنان مجنونا أيضا لكن بشكل مختلف حيث يقوم بتشبيه جنون الفنان بصرخة الطفل الذي يرى الحياة على حقيقتها من دون رتوش أو ألوان ، و في داخل هذا الفنان طفل صادق لا يبرر وجهة نظره. ومن هنا يستشهد عدوان بحالة الفنان لؤي كيالي الذي أعلن جنونه في واقع الجهل و البؤس .... و تمرد لؤي كيالي كان تابعا أصلا من رؤية للحياة أراد التعبير عنها في مجتمع يحاول النهوض من ظلام العصور التي سبقته ، و ربما هذا الصراع الذي عاشه لؤي كيالي من أكثر الهواجس الفكرية التي تحولت إلى لغة فنية تشكيلية خاصة به رغم كل الصعوبات التي واجهته بسبب رغبته في التغيير في ذلك الواقع المحبط الذي يعيشه ، و جرأته في الطرح و الأسلوب لم تكن تقليدا لفناني الغرب ، و إنما قدم نموذجا عربيا لما يعيشه فنانو تلك الحقبة ، خاصة أن حياة لؤي كيالي ارتبطت بتحولات مصيرية مرت بها سورية عبر صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي ، و تجلى أثر ذلك في حياة الفنان لؤي بعد حرب تشرين التحريرية ، حيث تفرغ إلى عمله الفني كمبدع دون الانشغال عن قضاياه الوطنية ... فقد عبر في أعماله عن مواقف إنسانية تميزت بوطنية عالية صادقة خاصة في معارضه المتلاحقة التي كانت ترصد الواقع العربي من الناحية الاجتماعية والسياسية و القومية بأدق التفاصيل وأصدق التعابير بألوان أرض الوطن و مضمون فكري ينبع من هموم المواطن العربي .. فالواقع الذي نقله كيالي لم يكن موضوعا تقليديا بل ثمة فيه معاناة إنسانية بسبب مرضه من جهة و بسبب الإحباطات التي زامنها من جهة أخرى ...
ففي البداية ولد الفنان الراحل ( لؤي كيالي ) في مدينة حلب عام /1934/ ، و بدأ الرسم في عام /1945/ ، وقدم معرضه الأول عام /1952/ و في عام /1954/ أنهى دراسته الثانوية حيث التحق بجامعة دمشق لدراسة الحقوق ، و رغم أنه نال الجائزة الأولى في معرض طلاب الحقوق إلا أنه فضل السفر إلى روما ببعثة لعله يستطيع فيها إغناء ثقافته الفنية أملا في تحقيق طموحاته ما أتاح له تمثيل بلاده في معرض بينالي البندقية الدولي مع زميله الفنان الكبير ( فاتح المدرس ) عام /1960/ . و عندما عاد الفنان ( لؤي كيالي ) في عام /1961/ من روما إلى دمشق كان اعتماده الأساسي على رسم الخط الواقعي من خلال الشخوص التي رسمها لكن ضمن إطارات تشكيلية و بعد ذلك بدأ بتطوير الخط إلى التحوير ليجعله يتحرك ضمن الشكل الفني و ليمنحه قيمة تعبيرية قوية ، و خاصة عندما لاحظ أن الخط قادر على التعبير و نقل المشاعر الإنسانية . و قد استطاع كيالي أن يقنع المتلقي بأهمية الخط و جماليته السوداء ليمارس بعد ذلك نشاطا فنيا متعدد الأشكال حيث أصبح في كل وضوح يتجاهل التفاصيل الدقيقة من أجل صياغة حديثة و التي زادت لوحاته إتقانا و تطورا نحو المفاهيم الحديثة للفن من خلال تطويع و تطوير الواقعية نح الحداثة للتعبير عن المأساة التي يعيشها الإنسان فكانت الوجوه الحزينة في فراغ مملوء بالكآبة و رغم هذا الحزن حملت لوحاته جمالية خاصة بسبب طريقة أدائه المتعبة من الحياة .
و في عام 1967 تحول ( لؤي ) إلى الثورة ، فقد وقعت نكسة حزيران التي كان لها تأثيرها السياسي و الاجتماعي و القومي في المجتمع العربي بأكمله ، حيث تحولت لوحاته أيضا إلى صراع بين المساحات السوداء والبيضاء لتثير المتلقي وتعلن الثورة لرفض هذا الواقع الأليم و للبحث عن خلاص للإنسان المقهور ... و بعد مرضه تحول بشكل واضح نحو التعبيرية حيث حملت لوحاته و أعماله الفنية أفكارا و موضوعات يبحث فيها عن هموم المواطن العادي بنزعة إنسانية مختلفة فكانت مثلا لوحة ماسح الأحذية و الشاب الذي يكسب قوته من حرفة شعبية بسيطة و غيرها من اللوحات التي عكست واقع المواطن الفقير و البسيط ، و هذه اللوحات و بعد فترة من الغياب تعود لتظهر في غاليري أيام الذي قام بعرض تجارب فنية فريدة لكبار رواد حركتنا التشكيلية و من بينهم هذا الفنان الذي ناضل لإثبات تجربته التي لم يتخل فيها عن الموضوع الإنساني لكنه استطاع تجديد أسلوبه من خلال الانتقال من مرحلة إلى أخرى لذا يعد اليوم من أهم الرواد الذين استطاعوا التأثير في حركتنا التشكيلية من خلال الأفكار و الأسلوب أيضا .