الفنان التشكيلي العالمي لؤي كيالي

الصفحة الرئيسية >> أرشيف الصحافة >> الفنان لؤي كيالي القطب الواعي للحركة التشكيلية في سورية والوطن العربي

   
عنوان المقال : الفنان لؤي كيالي القطب الواعي للحركة التشكيلية في سورية والوطن العربي
كاتب المقال : صفوان فرزات‏
المصدر : جريدة الفرات - سورية
تاريخ النشر : 2011-05-03


الفنان لؤي كيالي القطب الواعي للحركة التشكيلية في سورية والوطن العربي

جريدة الفرات - سورية
الثلاثاء3/5/2011
عاش الفنان لؤي كيالي حياته القصيرة وهو يرسم على قماشه الأبيض الوجوه البائسة قال الكثير عبر ألوانه عن النكسة رسم الأطفال وترجم ما تقوله عيونهم عن الحرمان وفقدانهم الدفء والحنان عبر ما جسده عن ممارستهم لأصعب المهن في الحياة كماسح الأحذية ، بائع اليانصيب وغيرها من المهن الهامشية نتيجة للتشرد والضياع وسط عالم لا يرحم ....

في العام / 1960 / عاد الفنان لؤي من روما إلى دمشق بعد أن أنهى دراسته فيها فمارس عمله ونشاطه الفني برسمه مواضيع مختلفة تشمل كافة النواحي الاجتماعية نظم المعارض الفنية وشارك في المعارض الرسمية عرض لوحاته التي رسمها في روما بعد ذلك انطلق في عرض أعماله الجديد ليظهر بذلك أنه حقق تبديلاً جوهرياً في طريقة وأسلوب المعالجة الفنية نتيجة تحوله إلى رسم الموضوعات النابعة من نسغ الحياة اليومية‏

موهبة كانت أساس أبداعه كرسام بارع في رسم الوجوه .‏

إضافة إلى ذلك جسد الفنان في أعماله عمق المأساة التي حدثت في حزيران عام / 1967 / وما تركته من آثار نفسية في المجتمعات العربية نتيجة الهزيمة التي منيت بها من قبل العدوان الاسرائيلي فرسم الوجوه الحزينة وهي في حالة ذهول وشرود وألم حقيقي فكان أصدق من عبر من الفنانين عن تلك المرحلة ، انطلق الفنان لؤي في أعماله معتمداً الواقعية كأساس لأعماله التي قدمها في معارضه الكثيرة ثم بعد ذلك بدأ مرحلة من التغيرات المختلفة كان الهدف منها الوصول بأعماله إلى لغة فنية خاصة به قادرة على التعبير بشكل مؤثر فركز على الوجوه وحركة الأيدي لاظهار الحالة النفسية إضافة إلى إعطاء المشهد العام جواً من الكآبة و الضياع المأساوي من خلال المساحات اللونية الموظفة تماماً و المنسجمة مع موضوع اللوحة و تعبيراتها كي يتفاعل معها المشاهد و يشعر بارتباطه بها شكلاً و مضموناً ، وقد أعطى المشهد اهتماماً خاصاً من خلال الصياغة الفنية المتحررة وهي لفتة ذكية أتاحت لعين المشاهد رؤية العمل بشكل مريح دون أي إرهاق للتواصل و المتابعة و التفسير ، من خلال هذه الرؤية نستطيع القول بأن الفنان لؤي عبر و بشكل صادق وعميق عما كان يجيش بداخله من تعاطف وأحزان سواء كانت مواضيعه اجتماعية انسانية أو في مكان يخص ( النكسة ) بعد هذه المرحلة نرى أن الفنان بدأ يعمل في اتجاه آخر أكثر عمقاً و تأثير عما سبق من الناحية التعبيرية على وجه التحديد وليس القيمة الفنية وهذه المرحلة تمثلت بالانتقال الى ( التعبيرية )‏

بكل أبعادها و مفاهيمها ، حيث أظهر في أعماله جانب البشاعة التي أراد لها أن تعبر عن الواقع الأليم للانسانية مبتعداً عن المفاهيم التقليدية للواقعية و ذلك للوصول إلى الإرتباط بالواقع بأسلوب جديد ، من هنا نستطيع القول بأن الفنان لؤي كان فناناً إنسانياً بالدرجة الأولى اهتم بالإنسان و قضاياه الاجتماعية و السياسية وحمل همومه و معاناته في لوحاته ، استمر الفنان في تقديم تجاربه الفنية سنوات عديدة وهو مؤكداً على الفن الملتزم الذي يملك مساحة كبيرة من التعبيرية الخاصة به ، في العام 1967 أقام معرضاً بدمشق تحت عنوان في سبيل القضية و قدم القضية الفلسطينية وعبر عن المعاناة بأكثر صورها تعبيراً وصدقاً كما قدم الوضع المأساوي للانسان المقهور الذي يعاني أزمة الضياع والاستلاب مستخدماً الألوان السوداء و الرمادية ولهذا قال عنه النقاد بأن لؤي رسم كما يرسم الفنان ( غويا) لوحاته السوداء أو كما رسم ( آنجلو ) الجحيم في لوحته يوم الحساب ، بعد مرض طويل و انقطاع لأكثر من عام عاد كيالي مجدداً لمتابعة مسيرته الفنية حيث قدم أعمالاً جديدة أعطت الدليل على أنه موجود رغم معاناته مع المرض و أهم لوحاته في هذه المرحلة كانت لوحة ( قارىء ) - ( ماسح الأحذية ) التي تجلت فيها التعبيرية بأروع صورها ، كما أنه اتجه الى رسم الزهور ففيها وجد موضوعاً هاماً أما لوحته الأخيرة فقد رسمها عن معلولا البلدة النائمة في الجبال وذلك بلغة تعبيرية مؤثرة رحل لؤي كيالي في عام ( 1978 ) وهو يحمل قلب طفل ورأس المفكر الواعي وصديقاً وفياً للانسانية ...‏

صفوان فرزات‏