International Plastic Artist LOUAY KAYALI
   

Home >> Press Releases >> رداً على مقالة أنور محمد عن لؤي كيالي.. إدعاء صحبة

Article Title : رداً على مقالة أنور محمد عن لؤي كيالي.. إدعاء صحبة
Article Author : فاضل السباعي
Source : جريدة السفير اللبنانية - تاريخ العدد 15/04/2009 العدد 11270 الصفحة 18
Publish Date : 2009-04-15



تاريخ العدد 15/04/2009 العدد 11270 الصفحة 18


رداً على مقالة أنور محمد عن لؤي كيالي
إدعاء صحبة..
بقلم فاضل السباعي

ماذا يعني أن يفقد أحدنا ولده، ثم يأتي من يدّعي أن الأب هو قاتل ابنه؟!
مرّ لؤي كيالي في سماء الحياة الفنية التشكيلية في سورية مثل شهاب، ولكنه شهابٌ يتأبّى ضياؤه على الخمود، فهو ساطعٌ بنتاجه الفني الباهر، وبشخصيته النبيلة التي كانت تحبِّب إليه مجالسة الناس جميعا، ابتداءً من النخبة الفنية والفكرية والسياسية إلى الباعة المتجوّلين من الأولاد الذين كثيرا ما اتّخذهم نماذجَ للوحاتٍ، تعلّق الآن في صدور البيوت والبيوتات والمتاحف العالمية.
هل اختلط الحابل بالنابل فيمن عرفهم لؤي، وعرفوه، في حياته الزاهرة التي اختُزلتْ زمنًا واغتنتْ إبداعًا؟ لقد كان يتحلّق حول طاولته في المنتديات كثيرٌ من الأصدقاء والمعارف، بعضهم القليل اضطغنت نفوسهم فآذوه، ثم -في إبّان محنته- تحوّلوا إلى محبين، وقد ظلوا كذلك بعد رحيله عن دنيانا محترقًا في فراشه في خريف 1978. ولكنّ في الحنطة زوّانًا، انفرز الزوّان، انفرزوا في حياة لؤي وتلاشوا، إلا "زوّانة" خرج صاحبها بعد ثلاثين سنة، يدّعي صحبةً، وتلازمًا، وتغلغلاً في موطن الأسرار... وفي ذلك يمتدح لؤي فنانًا بكلمتين، ثم يبادر إلى أن يدسّ فيهما السمّ الزعاف!
بدايةً أقول: إني رأيت مرض الفُصام ينزل بلؤي في خريف عام 1966، ثم يشتدّ به في 1968، وهو بدمشق يدرّس الفن بكلية الفنون الجميلة. كان لؤي الابن الأوحد بين ثلاث شقيقات. الأب، وقد بلغ من العمر مبلغا، توفي بحلب عام 1970. ولم يكن للؤي من الأقارب والأصهار سوى زوج شقيقته بدمشق -كاتب هذه السطور- وفي حلب عمّه الدكتور طه إسحق الكيالي (كان نقيبًا للأطباء، ومديرا للصحة، وأستاذا بكلية الطب)، وآخرين.
سألتُ، وأنا بدمشق قريبٌ من لؤي، العمَّ بحلب، فأحالني إلى الطبيب المتخصص بالأمراض النفسية الدكتور جمال الأتاسي (الشخصية السياسية البارزة)، فقام ينبّهني، في شتاء 1968-69، على أن حالة لؤي صعبة، وأن المصاب بالفُصام ربما اندفع إلى ممارسة العنف وإلى التمادي فيه، فتجب ملاحظته وملاحقته والخشية منه وعليه.
ثم إنّ العم، المعنيَّ بابن أخيه، أشار عليّ، في مرة ثانية، أن أصحب لؤي إلى بيروت، فكان أن أَمدّني أحدُ الوزراء -صديقٌ للؤي- بسيارة وثلاثة أنفار، فأخذنا لؤي من مقهى "الهافانا" بدمشق، إلى مشفى رأس بيروت. كان في استقبالنا هناك صديق العم، الطبيب السوري الدكتور علاء الدين الدروبي المتخصص بالأمراض النفسية. وجرت المعالجة خلال بضعة وثلاثين يوما، فاجأنا لؤي بعدها يدقّ باب بيتي بدمشق هاشًّا باشًّا، وسعدنا بعودته إلى التدريس بالجامعة معافى. وأقام بيننا العام الدراسي 1969-70، إلى أن عاوده المرض، فتركنا إلى حلب مقيمًا في بيت عمّتَيه الفاضلتين فاطمة الزهراء وقدرية، اللتين ربّتاه صغيرًا لفقدانه أمَّه.
في حلب أحاط العمُّ الدكتور طه إسحق الكيالي ابنَ أخيه بعنايته، رعايةً، ومعالجةً، وبالذهاب به مرة ثانية إلى بيروت بمرافقة زوج العمة جميل الجابري. ومرة، في اشتداد الانتكاسة، أُدخل المصح بحلب للضرورة الماسّة، حيث قضى أسبوعين في غرفة خُصّصت له تجاور غرف الممرضات، وكانت أدوات الرسم من جملة "الأدوية" التي قدّمها له مدير المصحّ الطبيب النطاسي الدكتور عبد الخالق سلطان، الذي وعده، إن هو شرع في الرسم هنا، أن يتاح له ذلك في البيت عما قريب.
وفي تردّد لؤي على المشفى في بيروت، كنا نرى من اهتمام الدكتور الدروبي وحَدْبه، ما يضاهي حنانَ العم وعنايةَ صديقه الدكتور سلطان. ثم كان من الدكتور الدروبي وعدٌ مُغْرٍ للؤي، بأنه إن عاد إلى فنّه الجميل بحلب، فإنه يتعهّد بأن يقيم له، في صالة بيته ببيروت، معرضًا للجديد من أعماله، يدعو إليه الخاصة من أصدقائه المحبين للفن، من لبنانيين وعرب وأجانب.
وأسجّل، هنا، الهمّة القعساء التي تنزّلت على لؤي، بأنه جَدَّ في الرسم حتى إنه كتب إليّ في 30 آب1972 سعيدًا مبتهجا يقول: «إنني أرسم بحماس جيد وباستمرار». ثم حمل لوحاته العشرين إلى بيروت، وكان معرضٌ في بيت الطبيب الدروبي، وكان إقبالٌ من النخبة الصديقة الصادقة، منقطعُ النظير، توزّعت فيه اللوحات عن آخرها، وبأغلى ما هنالك، وعاد لؤي إلى حلب ناجحاً غانماً، واشترى بما تحصّل له وبقرضٍ من المصرف العقاري أول بيت تملّكه، في مبنى يجاور بيت العم في "حي السبيل" بحلب... وهذه صورة فوتوغرافية نقدّمها للنشر، تجمع بين الطبيب وهو في بيته ببيروت، وبين العمّ وابن الأخ العائد إلى فنه الأثير.
تفاصيلُ لحياةٍ شخصية اضطررت إلى سردها، لا لأُدلّل على رعاية العم الدكتور طه إسحق الكيالي (رحمه الله) لابن أخيه، فعنايةُ الأهل في مجتمعاتنا العربية بأبنائهم وآبائهم لا يرقى إليها شكّ، ونحن لم نصل إلى ما تردّت إليه الحالة في ديار الغرب، من تقصير الأهل في تبادل العناية، لدرجة حملت المرشح للرئاسة الفرنسية في أواسط السبعينيات، فاليري جيسكار ديستان، على أن يعد الناخبين بأن يقدم خطَّ هاتف للآباء المتقاعدين المعزولين في بيوتهم!
أجل، ليس للتدليل على رعايةٍ مبذولة، ولكن لإسكات ذلك الصوت النشاز الذي ما فتئ يطلّ على الصحافة هنا وهناك، يدّعي صحبةً للفنان لؤي كيالي، وأنه كان يلازمه مثل ظلّ، يمتدح ثم يُسَمِّم، ويُشهِّر بالعمّ وبالأهل بأنهم قدّموا "بلاغات" إلى السلطات بحلب لإدخال ابنهم الوحيد، الفنان المدّع، إلى مشفى الأمراض العقلية «ليسحبوا ما بقي من عقله»، يا للسخافة! وأنهم وضعوه في حجرة في المشفى كأنها «تابوت»! فالأهل -والحالة هذه- أعداءٌ لابنهم، وهذا الكاتب، الدَّعيّ المدَّعي، هو المدافع عنه! ويختلق في ذلك الحوارات، ويخترع الحكايات، ويسمّي الأسماء، ويعيّن الأشخاص، ويحدّد التواريخ، ويلفّق ويفتري. ولسنا ندري أين كان قلم هذا الكاتب، يوم الصحبة المدّعاة في السبعينيات، فلم ينبس ببنت شفة، ولا "ببنت يراعة"، واليوم، بعد ثلاثين من الأعوام، تتوارد عليه الخواطر وتزدحم الذكريات، فهو يُزيِّف ويُزوِّر، يدّعى، ويتاجر، ويتعيَّش، مبتزًّا عواطف الطيبين من القراء. ولا بأس في أن أَذكَر قولته مؤخرًا لأحدهم: «ظللت أكتب عن الفنانين زمنًا، وما طلع لي منهم شيء، الآن أكتب عن المسرح»!
والأهل بحلب يُعدّون اليوم ما يلزم لدعوة مخترع الأقاويل للمثول أمام القضاء.
وأنا بدمشق أُعدّ ما سوف أقدّمه إلى إتحاد الصحفيين للتحقيق والتحقّق، وقبل ذلك أقول للصحافة الحرة: احذروا هذا الكاتب!
دمشق الشام: 8/4/2009 فاضل السباعي
عضو مؤسس في اتحاد الكتاب العرب بدمشق