International Plastic Artist LOUAY KAYALI
   

Home >> Press Releases >> لؤي كيالي: ريشة من ذاكرة

Article Title : لؤي كيالي: ريشة من ذاكرة
Article Author : لينا هويان الحسن
Source : جريدة بلدنا - سوريا
Publish Date : 2008-12-23


لؤي كيالي: ريشة من ذاكرة

23/12/2008
مثلما اكتشفَ العالم يوماً فان كوخ سيكتشف لؤي كيالي.. خط، شكل، هيئة، صفحات لون، ومقاطع من الحزن منثورة بين جوانح لوحاته. الحزنُ مهماز ريشته، في ذروة اللون يبرقُ جليد خفي يؤسّس لجملة حادة حقيقية تشبه البرد.
تنظر إلى اللوحة، وبذات الوقت ترى عاصفة رقيقة تصقلُ عينيك وأنت تتعقَّب خطوات ريشته على بشرة اللوحة.
هذا هو عمل لؤي كيالي الفني.
إنها ذكرى مرور ثلاثين عاماً على رحيله، تدفعنا لقول شيء جميل نادر حزين يشبهه.

ولد الكيالي في حلب عام 1934، بدأ اهتمامه بالرسم في عام 1943، وأقام أوائل معارضه المدرسية في قاعة الثانويات للبنين في حلب، والتحق بدراسة الحقوق في جامعة دمشق، وفاز بمسابقة وزارة التربية لدراسة الفن في روما، وأوفد إليها في عام 1956، ونال العديد من الجوائز الفنية ابتداءً من عام 1958 (مسابقة سيليسيا- رافينا- مسابقة كوبيو- أ لاتري..)، وفي عام 1960 شارك في بينالي البندقية، وبعدها بعام حصل على شهادة أكاديمية الفنون الجميلة في روما لتبدأ مسيرته الفنية بين سورية وروما..
في عام 1878 يحاصره القدر وتتسبَّب حادثةُ حريق في مرسمه بموته.
بعيداً عن تصنيفات النقاد كذلك واعترافهم بإضافاته الفنية والحديث عن ظاهرة "الكيالي" من ناحيتي كمتلقية ومتذوقة للفن، يمكنني أن أقول إنني أعشق لوحته التي أنجزها عام 1974 (أمام باب المقهى)؛ إنها صورة لصبي يبيع أوراق اليانصيب يستندُ على عكاز ويضعُ قبعة على رأسه: ثياب متواضعة، نظرة تتطابق مع الحزن تماماً بكامل التباساته والتفافاته وفي ذات الوقت وضوحه، إنك أمام وجه حزين بامتياز دون أن تستطيع الإمساك بتعبير واحد مباشر يدلُّ على الحزن، لا تكشيرة ولا تقطيبة جبين، معجزة فنية فعلها كيالي بريشته، ابتسامة مكتنزة بأسى مزمن، يأسٌ شفافٌ يبعث الرجفة في كلّ أنحاء الوجه الذي يحمل خثارة ذاكرة مشحونة بالحرمان.
وفي قلب كلّ ذلك ستلمح الأمل الأكثر عمقاً.
أيضاً يمكنك أن ترى الدخان الصاعد من اللوحة على هيئة أمل متحفظ خائف من المستقبل.
وطبعاً ينزلق فوق الحاضر فرحٌ مؤجل.
باختصار في لوحة لؤي كيالي "أمام باب المقهى" ثمَّة ميتة صغيرة عابرة وثقها في عيني الصبي بائع اليانصيب.
كان في اختياره لمواضيع أعماله، من صف المساكين المهمشين المغمورين الفقراء المتواضعين، الذين بفضل ريشته تحولوا إلى تحف فنية نادرة. وأسماء لوحاته تدلُّ على ذلك بوضوح: حلاق القرية، الرسالة، ماسح الأحذية، الصياد الصغير، أمومة، راكب الدراجة، بائع الفطائر، التفكير العميق، بائع متجول، تأمل، بائع الجوارب، العيون الخضر، الشقيقتان، حامل السلة، عازف العود، بائع المسكة، بائع الذرة، المستلقية، من وحي أرواد، قارب..
أيضاً رسم لوحات فاتنة للأزهار تكاد أوراقها ترتجف وأنت تراها لأول مرة، وبعضها أزهار غريبة بيضاء تذكرك بمرمر ميت، وأزهار أخرى تويجاتها تكاد تسقط من اللوحة وتستقرّ بين أصابعك.
أبداً ليس من باب المجاملة لفنان كبير راحل أقول إنه يوازي فان كوخ، أنا على يقين بأنه سيأتي يوم يكتشف فيه العالم لؤي كيالي وينصّبه في مكانه الفني الحقيقي، ولتصدقوا كلامي فقط ألقوا نظرة على أعماله.
الفن "الكيالي" له الحقّ بكثير من الاهتمام الصحيح والأصيل والمخلص ليراه العالم يوماً.
كيف لنا أن لا نترك ذكرى وفاته الثلاثين تمرُّ "مرور الكرام"؟!
طرقٌ كثيرة يمكننا فيها أن نحتفي به، بما يليق بفنه وموهبته، وبشخوصه العميقة التي دونها بتقنيات مختلفة مبتكرة..
لماذا أحياناً يحدث وأن نفرط بنسيان الناس الجميلين؟
لؤي ألماسةٌ تشكيلية تستحقُّ أن نلمعها وننفضَ عنها غبار النسيان.