International Plastic Artist LOUAY KAYALI
   

Home >> Press Releases >> الذكرى الثلاثـون لرحيل لؤي كيالي ..انطباعات التوتر وانفعـالات القلق

Article Title : الذكرى الثلاثـون لرحيل لؤي كيالي ..انطباعات التوتر وانفعـالات القلق
Article Author : أديب مخزوم
Source : ملحق الثورة الثقافي
Publish Date : 2009-01-14


الذكرى الثلاثـون لرحيل لؤي كيالي ..انطباعات التوتر وانفعـالات القلق
ثقافة
الأربعاء 14-1-2009
أديب مخزوم
مع مرور الذكرى السنوية الثلاثين لرحيل الفنان الكبير لؤي كيالي، نستعيد ملامح من معطيات ريشته المبدعة التي تركت بصمات واضحة على مسيرة الفن التشكيلي ،
إذ انه ورفاق دربه نقلوا الفن من اطار التقليد إلى الحداثة الفنية، ولقد تميز عن ابناء جيله في انه كان شاهدا استثنائيا على حالات الفقر والبؤس والتشرد، وبدت لوحاته بمثابة مرآة عكست مختلف الحالات النفسية على وجوه الناس والاطفال البسطاء واعادت إلى الاذهان ملامح من بدايات فن بيكاسو ولاسيما في مرحلته الزرقاء ،فاللوحات المتنوعة التي قدمها لؤي كيالي في رحلة حياته القصيرة 1934-1978 تبرز كرؤى بصرية مشبعة بالحزن القادم من تأثيرات الواقع الحياتي، حيث كان يرسم المعاناة الانسانية، في لوحات الطفولة والوجوه والامومة، وربما يعود هذا التأثير المباشر للحياة المضطربة التي عاشها والتي تركت اثرها الواضح على شخوص لوحاتها المشبعة بالتوتر والتمزق الداخلي، وهكذا تطل لوحاتها كحالة وجدانية تعكس الصدى الداخلي على وجوه الأمهات والموضوعات الملتقطة من حركة الناس البسطاء في الشوارع والساحات والأماكن العامة.‏
ومن الناحية التقنية كان لؤي يبتعد عن الهواجس اللونية الغنائية والصريحة عبر بحثه الدائم عن أجواء لونية متقشفة تزيد من حدة التعبير المأساوي في فراغ اللوحة وأكثر ما يميز لوحاته هو طريقته في ايجاد تلك العلاقة المتداخلة بين خلفية اللوحة والأشكال المرسومة، بحيث تبدو الخلفية ظاهرة عبر تلك الأشكال المجسدة بأسلوب خاص يرتكز على خطة خطية لالونية ، حيث تبدو خطوطه منسابة طلاقة وحرية وحيوية.‏
ولقد كان يستخدم في أحيان كثيرة سطوح الخشب المضغوط، ويجعلها داخلة في عناصر اللوحة وكان وقبل أي شيء يرفض طريقة الرسم بلمسات لونية مباشرة وعفوية وغنائية على عكس أكثرية فناني جيله والجيل الذي جاء بعده وبعبارة أخرى كان يركز على مبدأ التأثير الفني النهضوي الذي يعطي الأهمية لذلك الامتداد اللوني المتقشف والمعتق كما أنه يلتقي مع فنون عصر النهضة الإيطالية في تركيزه لإظهار قدرته في السيطرة على خطوط متزايدة الحساسية والرشاقة والليونة ،ضمن هذا السياق لمسات التشكيل الفني في لوحاته تقترب من أسلوب الرسم الجداري، الذي شاهده عن قرب في روما أو في مدن إيطالية أخرى.‏
ولقد عالج في لوحاته مواضيع وعناصر مختلفة ، وفي لوحته الجدارية ( من وحي ارواد) يرتبط من الناحية الجمالية بأسلوب خاص في معالجة الأشخاص والقوارب ويجعل خلفية اللوحة أكثر ميلا نحو التسطيح رغم بروز التدرج اللوني احيانا ، وإظهار الشاطئ البحري في تنويعاته المستعادة كحلم ومناخ خيالي.‏
ولقد رسم لؤي الأزهار في لوحات عديدة ،كأنه كان يريد ايجاد فسحة تفاؤلية تنشله من حالات البؤس والسواد الكلي الذي انعكس على لوحاته وحياته حين كان يجسد العذاب والقلق الإنساني المفعم بالاضطراب والتوتر وصولا إلى المأساة الكاملة. فالأزهار المتنوعة التي كان يجسدها في بعض لوحاته تبدو بمثابة فسحات امل تنفلت من الاجواء التعبيرية البائسة التي نلمسها في الوجوه الواجمة والقلقة والضائعة والحزينة والتي ميزت تشكيلاته البصرية واختصرت في رمزيتها مآسي الفقراء والاحاسيس المزمنة التي تتجسد عبر الشعور بالصدمة اليومية الباحثة عن الامل والتفاؤل.‏
هكذا تعامل مع موضوع الورود والزهور وكأنه عنصر مناقض لحالات البؤس والعذاب والتشرد، فتدرج من التصوير المباشر للانسان المهمل ( ماسح الاحذية على سبيل المثال) الذي رسمه مرات عديدة وبرؤى مختلفة ليدخلنا في جوهر المعاناة الانسانية الشيء الذي يجعل هذه المجموعة من لوحاته، هي الاكثر التصاقا مع ذاته، والاكثر بلا غة في التعبير عن احلام الطفولة الضائعة أو الهاربة.‏